«قول ما تخافشي العسكر لازم يمشي».. «الشعب يريد إسقاط النظام».. «بالطول بالعرض احنا أصحاب الأرض».. هتافات كثيرة رجت الأرض أمام نقابة الصحفيين وفي العديد من شوارع ومدن وقرى مصر، احتجاجا على تنازل عبدالفتاح السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير إلى كفيله السعودي الملك سلمان.
دلالات كثيرة حملتها تظاهرات أمس، أهمها أن حالة اليأس التي اعتقدنا انها صارت السمة الوحيدة لشباب ثورة يناير، كانت مجرد لحظة وقتية، سرعان ما اختفت وحل محلها روح يناير التي شعر بها الجميع سواء الذين اركوا في التظاهرات او الذين لم يشاركوا.
دلائل جمعة الأرض
من أهم إيجابيات تظاهرات الأمس، انها أثبتت أن ثورة يناير لم تمت، رغم محاولات نظام السيسي بإعلامه وأدواته في تصدير صورة قاتمة عن الثورة ومدى فشلها على يده ويد مؤسساته من الجيش والشرطة والقضاء.
لقد أثبت اليوم أن الثورة مستمرة، وكما تقول الحكمة العربية «الحركة ولود والسكون جمود» فإن تظاهرات الأمس كانت بمثابة إلقاء حجر ضخم في مياه الثورة التي لم تكن أبدا راكدة، مهما كانت صورتها الأولية هادئة.
شاء مطبلي السيسي أم أبوا، فإن تظاهرات الجمعة هزت بالفعل أركان النظام، وهو ما يسفر الحملة المسعورة التي تعرض لها المتظاهرون على أيدي أبواق السيسي مثل الكردوسي وبكري وموسى وغيرهم من الذين مردوا على الترعيض للسيسي حتى في العرض.
كما أن جمعة الأرض كان لها مدلولاً خاصاً جداً، ألا وهو زعزعة الثقة لدى القلة التي لا تزال على تأييدها للسيسي، فالموضوع هذه المرة ليس سياسياً حتى يتسنى للسيسي وإعلامه لي ذراع الحقائق بل هو موضوع خاص بالسيادة المصرية والأرض التي تعني للشعب المصري العرض، ومن هنا كان الهتاف «عواد باع أرضه».
غير أن أهم ما تركته تظاهرات الأمس من رسائل، هي تلك التي وجهت بشكل قوي إلى مؤسسات السيسي وعلى رأسها الأجهزة الأمنية، فالمتظاهرون هذه المرة خرجوا للدفاع عن السيادة التي كان على تلك الأجهزة حمايتها، وهي إهانة لو تعلمون عظيمة، ربما يشعر بها من تبقى فيه ذرة وطنية من أبناء الشرطة والجيش وجهازي المخابرات العامة والحربية.. وقليل ماهم.
الأثر النفسي الذي تركته تظاهرات الأمس في نسبة كبيرة من حزب الكنبة، أو الأغلبية الصامتة، أو الكتلة الحرجة، وفقا لما ترغبون من أسماء، التي مهما تعددت وتنوعت فإن الحقيقة التي خلفتها تظاهرات جمعة الأرض أن هذه الفئة لم ولن تنطلي عليها خدع إعلام السيسي مرة أخرى، وكل ما تحتاجه للانخراط في تظاهرات 25 أبريل بشكل كبير ومؤثر هو مزيد من التواصل والتوعية.
تظاهرات جمعة الأرض لها فائدة مستقبلية عظيمة، حيث ستمنع أى خطط لدى هذه السلطة الفاقدة للعقل والوطنية فى الإقدام على التنازل عن أى قطعة أرض أخرى، وربما لو كانت مثل هذه التظاهرات قد خرجت بهذا الشكل بعد جريمة التنازل عن حق مصر في مياه النيل، لما كان السيسي قد استطاع أن يتخلى عن هذه الجزر.
رسائل ودلائل جمعة الأرض أعظم من أن يحتويها بضع كلمات، لكن الخطوة الأهم الآن هي ضرورة التصعيد الفوري والسريع واستغلال حالة الشحن النفسي والمعنوي التي استشرت في نفوس المصريين بعد جريمة الخيانة والتفريط في مقدرات وأراض مصر .
الانتظار حتى يوم 25 أبريل لا يجب أن يعني بأي حال من الأحوال الاكتفاء بتظاهرات الأمس، بل يجب أن يتم التجهيز لهذا اليوم منذ التو واللحظة، ويجب أن تضع الثورة في حسبانها أن يعاند السيسي ويرفض التراجع عن الجريمة التي ارتكبها، لاسيما أن المؤسسة العسكرية على ما يبدو موافقة عليها، ومن هنا يجب أن تكون خطوات التصعيد موضوعة في الحسبان، ومنيدري، ربما تكون جمعة الأرض هي اللحطة الحقيقة لاستعادة الثورة بأكلمها وليس فقط جيزرتي تيرا وصنافير