PropellerAds

السبت، 27 فبراير 2016

واشنطن بوست: هل يأتي موقف أبل ضد مكتب التحقيقات الفيدرالية بنتائج عكسية؟ Apple

 واشنطن بوست: هل يأتي موقف أبل ضد مكتب التحقيقات الفيدرالية بنتائج عكسية؟ Apple
 واشنطن بوست: هل يأتي موقف أبل ضد مكتب التحقيقات الفيدرالية بنتائج عكسية؟ Apple
بعد تصعيد الصراع بين بين شركة أبل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، لا يسعنا سوى التساؤل هل للشركة الحق في رفض أمر المحكمة، أم أن رفضها الخضوع له ربما يأتي بعواقب أو حتى بنتائج عكسية؟ وهل اختار تيم كوك وقتًا وقضيةً غير مناسبة لمحاربة الحكومة؟ وهل سيندم تيم كوك على هذا التصعيد أم أن ندمه بالأساس يكون لقبول أبل مبدأ تدخل الحكومة منذ 2008؟

صراع مبادئ وقيم

أسئلة حاولت الواشنطن بوست الإجابة عليها في مقال نشرته الأسبوع الماضي، كمحاولة منها لتحليل أزمة الصراع بين أبل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، إذ تصاعدت وتيرة الصراع عقب صدور أمر من المحكمة يجبر الشركة على الخضوع لمطلب مكتب التحقيقات. بالطبع رفضت أبل –وانضم لصفها وادي السيليكون-، وقدمت طعن على أمر المحكمة أمام المحكمة العليا. فصار صراع حتى النهاية من أجل مبادئ سامية وقيم وطنية. الأزمة لم تعد حربًا بين شركة أبل ومكتب التحقيقات؛ وإنما صارت صراعًا بين وادي السيليكون كله، ووكالات الاستخبارات وأجهزة الشرطة جميعها.
تقول الواشنطن بوست إنه بالتأكيد كلا الطرفين يمثلان مبادئ وقيم، فشركة أبل ومؤيدوها من جانبهم أعلنوا أن مستقبل التشفير وأمان خصوصية المستخدمين يعتمدان على مآلات الصراع القائم، بينما من جانب آخر أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي ومعه في ذلك وكالة الأمن القومي ومسؤولين في الشرطة آخرين أن مسارات التحقيقات للقبض على المجرمين ربما تواجه طريقًا مسدودًا إذا ما نجحت أبل وعمالقة الكمبيوتر في وادي السيليكون في هذا الصراع.

مبالغة في المخاطر وحجج زائفة

لكن لم تغفل الواشنطن بوست ذكر أن كلا الطرفين يبالغ في المخاطر، وكلاهما ربما يسوق حججًا زائفةً. ومع ذلك يذكر الكاتب أن تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل، والذي وصفه أنه إما مختال وإما شجاع، ربما أخطأ في تقدير الموقف. و ربما أخطأ في اختيار تلك القضية تحديدًا ليعارض المحكمة -والتي من المقرر أن يصل الطعن  فيها إلى المحكمة العليا- ففي نهاية المطاف تعتبر قضية ضعيفة. ومن غير المحتمل أن تقضي المحكمة لصالحه، لذا فهو على وشك أن ينزع فتيل صراع سياسي.. على الأغلب سيخسره هو وكل المبادئ التي يدافع عنها.
تتلخص القضية في أن مكتب التحقيقات الفيدرالية يريد الولوج الكامل إلى هاتف آيفون 5C الذي استخدمه سيد فاروق، أحد المتهمين في أحداث سان برناردينو، كاليفورنيا.
لكن تتمثل المشكلة الأساسية أن مكتب التحقيقات لم يطلب من شركة أبل أن تفتح الجهاز الخاص بالمتهم. فبرمجيات الشركة الحالية تسمح للمستخدمين بضبط نظام حمايتهم الخاص، وعليه لن يستطيع المبرمجون في أبل الولوج للجهاز حتى لو أرادوا ذلك. لكن يظل هناك حل ذكي؛ وهو بالتحديد ما يطلبه مكتب التحقيقات، فقد طلب من شركة أبل أن تلغي خاصية أساسية في أجهزتها مؤقتًا، وهي أن في حال إدخال كلمة السر 10 مرات خاطئة، يمحو الجهاز كل ما عليه من بيانات. لكن تقول أبل إنه إذا تحقق ذلك سيتمكن مكتب التحقيقات الفيدرالية من استخدام برامج يمكنها توليد آلاف التخمينات من توليفات الأرقام والحروف في الثانية الواحدة، وبالتالي يمكنها فك رمز الحماية. وبالتالي يمكن لأي جهة متاح لديها نفس الأجهزة فك شفرات الأمان لآلاف الأجهزة، مما يعرض الشركة ومستخدميها للخطر.
بالطبع رفضت أبل الخضوع لطلب مكتب التحقيقات الفيدرالي، فتوجه المكتب للمحكمة لاستصدار أمر منها بذلك، وبالفعل أمر قاض من المحكمة بامتثال الشركة والتعاون مع المكتب بتلك الطريقة. يوم الثلاثاء الماضي كتب كوك رسالة مفتوحة لعملاء أبل معلنًا أن الحكومة قد تمادت كثيرًا في طلبها كتابة برمجيات جديدة من شأنها إضعاف أحد أنظمتها من حيث الأمان وحماية خصوصية المستخدم. فطلب مكتب التحقيقات يعرِّض مستخدمي أبل في العالم كله لمخاطر ضعف الأمان والحماية على أجهزتهم الخاصة. وكتب كوك في خطابه: “فذلك النظام الذي تطلبه الـ FBI يضع جميع أجهزة الآيفون في خطر محتمل”.
بينما صرح مسؤولو المكتب أنهم لم يطلبوا من أبل فتح  باب خلفي لهم يمكنهم من الولوج لجميع أجهزة أبل؛ إنما طلبوا طريقة تؤثر فقط على هذا الهاتف تحديدًا. وإذا ما أخذت أبل احتياطاتها فلن تتسرب الطريقة بالضرورة للأيدي الخاطئة.
كما أوضح مسؤول متقاعد في المخابرات له خبرة في أمن المعلومات والبرمجيات أن المبرمجين في أبل لن يضطروا لإجراء تغيرات أساسية لنظام فك الشفرات أو رمز التشغيل، فببساطة بإمكانهم إعادة ميزة الأمان القائمة الآن بعد الولوج للجهاز. كما أن بإمكان المهندسين في أبل إعادة تعيين ميزة في مختبرهم الخاص، من خلال جهاز تحكم سلكي بدون أي تمثيل حكومي، ويمكنها أيضًا أن تستخدم بنفسها أحد برامج توليد الشفرات، ومن ثم تسلم المحتويات التي وجدتها لمكتب التحقيقات الفيدرالي وتدمر الهاتف بعد ذلك.
يقول الكاتب إنه سأل بعض المسؤولين المتقاعدين من مكتب التحقيقات الفيدرالي، وبعض متخصصي الأمن: هل هذه الخطة ممكنة أم لا؟ بالفعل ظنوا أنها ممكنة. وقام بعرض رأيهم على مديرٍ تنفيذي لأحد شركات أمنيات برامج الحاسب، وعلى الرغم من انحياز الأخير لموقف أبل، يظن أنه من الممكن الوصول لطريقة آمنة لمعالجة البيانات كما ذكر الخبراء المتقاعدون.
وعلى الرغم من أن هذا المدير التنفيذي مثله مثل كوك ما تزال تؤرقه الأبعاد الأكبر للقضية؛ ففكرة  أن تُجبَر على فتح أحد الأجهزة حتى تتمكن الحكومة من الوصول لما داخله من بيانات شخصية أمر، وأن  تقوِّض حماية وأمن أحد الأنظمة هو أمر مختلف تمامًا.

تاريخ أبل يطاردها الآن

لكن، هل هناك حقًّا اختلاف بين الأمرين؟ يقول شين هاريس في الديلي بيست، بالفعل قامت أبل بفتح هواتف من قبل، حوالي 70 مرة منذ 2008، وكان بناءً على طلب من الحكومة، وأمر المحكمة. وبفعلها هذا هي قبلت ضمنيًّا مبدأ حق الحكومة في طلب الولوج لأحد الهواتف وبأمر المحكمة المبني على بعض الملابسات. وليتجنب كوك الاضطرار للخضوع لمزيد من طلبات الحكومة، في 2014 صمم نظام iOS8 للحماية، والذي بموجبه يمكن للمستخدم أن يحدد رمز حماية الهاتف، وإذا ما طلبت الحكومة من أبل الولوج للهاتف، يمكنهم ببساطة الرفض لأنهم حقًّا لا يستطيعون.
لكن الآن ابتدع مكتب التحقيقات الفيدرالي فكرة ملتفة حول نظام الأمان؛ أن تعطل أبل مؤقتًا ميزة محو البيانات بعد 10 محاولات خاطئة لتتمكن من فتح الجهاز. قد يكون الأسلوب مختلفًا، لكن النتيجة النهائية واحدة وهي ولوج مكتب التحقيقات لأحد هواتف أبل. ربما غيَّر كوك رأيه في حق الحكومة في الولوج للهواتف التي تنتجها شركته، لكنه أيضًا ربما يندم طوال عمره أنه تعاون مع الحكومة في أي وقت مضى.
فمهما كان موقف الشركة الحالية، لا يمحو حقيقة أن أبل قبلت المبدأ في الماضي.
ولعل أحد نقاط الضعف في حجة كوك من الناحية القانونية أن فاروق لم يشتر الهاتف بنفسه، إنما اشتراه له صاحب عمله: مركز الصحة العامة بسان برناردينو. وعليه فإن مالك الهاتف وهم مسؤولون في الدولة قد وافقوا بالفعل على طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي لفتح الهاتف. أي بعبارة أخرى كما يقول أورين كير أستاذ القانون بجامعة واشنطن، كمحاولة منه للوصول لتحليل متوازنٍ معقول: “لا يوجد أي خرق للمادة الرابعة من الدستور في تلك الحالة”. وهي مادة في القانون الأمريكي تحمي الأشخاص وممتلكاتهم من التعرض للتفتيش أو المصادرة غير المشروعة  أو بدون تفويض قانوني.

هل تسحق تركيا الحكم الذاتي للأكراد في سوريا؟ Kurdish

بعد فشل عملية السلام بين تركيا والأكراد وتطور الأمر إلى حد الصراع الدموي الذي امتد ليشمل سوريا، يمكن تلخيص موقف عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني عبر ما صرح به للمشرعين من حزب الشعب الديمقراطي خلال لقائهم عام 2014 في محبسه في جزيرة إمرال، حيث يقضي عقوبة السجن مدى الحياة. صرح أوجلان في تلك اللقاءات التي امتدت بين عامي 2013 و2015 قائلًا: “لدي عائلة من 10 ملايين شخص، وقد ثرنا. والآن نريد تحقيق السلام. فكيف يمكننا تحقيق ذلك؟ أود التخلي عن الحرب، فهل توافقون؟”.
تشير تلك التصريحات إلى أن محادثات السلام قد وصلت إلى طريق مسدود، بسبب حزب الاتحاد الديمقراطي وإنجازاته في شمال سوريا. حيث يبدو أن الإقليم الذي أنشأه الحزب هناك قد دفع بتركيا إلى رفض عرض وقف الحرب.
كان رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، قد هاجم وحدات حماية الشعب، الذراع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي، في 16 فبراير على خلفية تقدم الوحدات نحو عزاز، متوعدًا إياها صراحة بالقول: “إذا ما اقتربوا من عزاز ثانية، سنرد بكل قوة. وإذا حاولوا استخدام قاعدة منغ الجوية ضد المعارضة أو المدنيين، سنحيلها إلى رماد”.
لكن وحدات حماية الشعب لم تواصل التقدم فحسب في الشمال السوري، لكنها سيطرت على قاعدة منغ الجوية التي هددت أوغلو بتدميرها. بعدها بساعات، اتهم أوغلو وحدات حماية الشعب بالمسئولية عن الهجوم الدامي الذي وقع في أنقرة قبلها بيوم متوعدًا بالرد. ونقلت رويترز أنباءً عن عبور 2000 متمرد سوري مسلح إلى داخل سوريا عبر تركيا، متجهين صوب عزاز لمواجهة وحدات حماية الشعب.
تمثل تلك الأحداث عودة التوتر الذي ساد بين سوريا وتركيا لمدة 17 عامًا ولكن مع فارق وحيد، وهو أن تركيا تبدو اليوم تتجه نحو الهزيمة.
بدأت الأحداث التي قادت لاعتقال أوجلان في سبتمبر من عام 1998، عندما هدد قائد القوات البرية التركي بالقول: “يبدو أن جيرانًا مثل سوريا يسيئون فهم حسن نوايانا. لقد فعلت تركيا كل شيء لحسن الجوار. وإذا لم نحصل على الرد المتوقع، يحق لنا اتخاذ كافة التدابير. لقد بدأ صبرنا ينفد”.
أرادت تركيا من سوريا طرد أوجلان. وقد هدد الرئيس التركي آنذاك سليمان ديميرل بشن عمل عسكري. أفلحت الضغوط وغادر أوجلان سوريا في أكتوبر من نفس العام. فطاف بين روسيا واليونان وإيطاليا، ثم استقر به المقام في كينيا، حيث أفضت عملية معقدة إلى اعتقاله في فبراير من عام 1999.
حينها بدأت العلاقة بين سوريا وتركيا تتعافى، وقد بلغ الأمر ذروته عندما اتفق وزيرا خارجية البلدين على إنشاء مجلس تعاون إستراتيجي مشترك على مستوى عالٍ لمواجهة الإرهاب.
فكيف انحدرت الاتفاقية الكاملة التي أبرمت عام 2009 إلى الأزمة القائمة عام 2016؟ لفهم هذا التحول الكبير في الأحداث، يجب النظر في رؤية أوجلان للحكم الذاتي الديمقراطي.
حشدت تركيا كل إمكاناتها السياسية والدبلوماسية وربما العسكرية قبل 17 عامًا لإجبار سوريا على طرد أوجلان، وتمكن في نهاية المطاف من اعتقاله. إلا أن التهديد الذي توجهه سوريا نحو تركيا الآن يقف على أرضية مبهمة. فما الذي تريده تركيا؟ منع تقدم وحدات حماية الشعب، وهي جزء من التحالف الدولي، غربًا؟ أو تدميرها تمامًا بوصفها منظمة إرهابية في نظر تركيا؟ أم تدمير الإقليم المستقل في شمال سوريا؟ وما المبرر الذي تمتلكه تركيا للقيام بذلك؟
يبدو أن تركيا تعتزم استغلال تفجير أنقرة لتبرير حاجاتها. فعلى الرغم من نفي وحدات حماية الشعب مسئوليتها عن الهجوم، إلا أنه يبدو أن تركيا تستعد للحرب.
في صيف عام 2012، أعلنت الحركة الكردية الحكم الذاتي الديمقراطي في عدة بلدات بعد إلغاء أنقرة عملية السلام وشنها عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني. ويعتبر نموذج الحكم الكردي المستقل في الشمال السوري نسخة معدلة من نظيره في تركيا.
انتشر إطار الحكم الذاتي الديمقراطي الذي وضع أساسه أوجلان ليس فقط في سوريا، ولكن أيضًا في إيران من قبل حزب الحياة الحرة الكردستاني، وفي العراق من قبل حزب الحل الديمقراطي الكردستاني. في سبتمبر من عام 2011، وقبل ظهور وحدات حماية الشعب، صرح صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي أن الحزب يريد حكمًا ذاتيًّا من دمشق دون الانفصال عن الدولة الأم.
تنص خارطة الطريق التي رسمها أوجلان على أن كافة الجماعات الدينية والعرقية في الشرق الأوسط يحق لها الحصول على حكم مستقل ضمن حدود الدولة التي ينتمون إليها. ولطالما أبدى إعجابه بنموذج الاتحاد الأوروبي.
منذ أبريل 2015، مُنعت الزيارات عن أوجلان. كما جرى عزله في 2012 عندما وُضعت أساسات الحكم المستقل في شمال سوريا. والهدف من هذا المنع كان منعه عن إصدار تعليمات لحركته، لكن الأمر لم يفلح.
السبب الرئيسي للعمليات العسكرية التركية الجارية منذ يوليو هو غضب حزب العدالة والتنمية، ومن الممكن أن تستند الحرب التي تلوح في الأفق على كلمات أوجلان. صرح أوجلان في فبراير 2013 قائلًا: “يسعى حزب العدالة والتنمية للهيمنة ولا يمكننا السماح له بذلك. لن أصبح أداةً للمساعدة في ذلك. هذا شرطي الوحيد لاستكمال عملية السلام”.
باختصار، ثمة صراع مرير قائم بين رؤية أردوغان المركزية ومناقضتها اللامركزية الخاصة بأوجلان، وتعتبر المناطق الكردية في كل من تركيا وسوريا ساحةً لتلك الحرب.

السحر والجمال في غابات الأمازون Amazon

هي واحدة من أشهر الغابات وأكثرها تشابكًا وغموضًا. غابات الأمازون الشهيرة، مثلها مثل البرازيل؛ جميلة وساحرة وصاخبة بالحيوانات والنباتات الرائعة.
تقع الغابات في أمريكا الجنوبية وتعد هي الغابة البكر في القارتين الأمريكتين، وتغطي هذه الغابة كامل منطقة حوض نهر الأمازون تقريبًا وتبلغ مساحتها حوالي 5,5 مليون كيلومتر مربع أي أنها تمثل مساحة دولة مصر 5 أضعاف ونصفًا تقريبًا. وتمثل مساحة منطقة حوض الأمازون 7 ملايين كيلومتر تقريبًا.
وتمتد الغابات في 9 دول مختلفة، 60% منها يوجد في البرازيل، و13% في بيرو، و10% في كولومبيا، والبقية تقع بين فنزويلا والإكوادور وبوليفيا وغويانا وسورينام وغويانا الفرنسية.
وتمثل غابة الأمازون حوالي نصف مساحة الغابات المطيرة المتبقية في جميع أنحاء العالم حاليًا، وتوجد بها حوالي 390 مليار شجرة تنتمي إلى حوالي 16 ألف نوع مختلف من الأشجار.
يوجد في هذه الغابة 2,5 مليون نوع مختلف من الحشرات، وعشرات الآلاف من أنواع النباتات، وحوالي 2000 نوع مختلف من الطيور والحيوانات. وللدقة أكثر يوجد 40 ألف نوع من النباتات والأشجار، و1294 نوعًا مختلفًا من الطيور، و427 نوعًا من الثدييات، و428 نوعًا مختلفًا من البرمائيات.














الهجوم الوحشي على حلب.. شهادات حية Aleppo

في الطابق الأول من مستشفى كيليس، على بعد بضع دقائق من الحدود السورية، استعرض شاب ضعيف البصر في سن المراهقة الصور الفوتوغرافية للمباني المدمرة والجثث على هاتفه النقال.
“هذه هي قريتي. لقد دمرت تمامًا”، هكذا يقول أبو دياب الذي هرب من منزله بالقرب من بلدة منغ السورية على الحدود التركية قبل يومين، في مواجهة الغارات الجوية الروسية المكثفة.
ويضيف أبو أيوب: “أصيبت هذه الفتاة من قبل الروس”، وكشف عن صورة لفتاة شابة تخضب الدماء وجهها.
شقيقه البالغ من العمر 21 عامًا، محمد يرقد في سرير المستشفى على بعد ياردات فقط. تم كسر عظام يديه في الهجوم الصاروخي الذي دمر منزلهم.

ممر الموت

تكتظ قاعات المستشفى بالناس على طول امتداد الأراضي الواقعة بين مدينة حلب السورية إلى الحدود التركية. وقد أصبحت هذه المنطقة ممرًا للوفاة في الأيام الأخيرة، ونزوح عشرات الآلاف الذين يفرون للنجاة بحياتهم.
سكان من تل رفعت، منغ وحلب ومجموعة من القرى على الطريق المؤدي إلى تركيا، يروون مشاهد مماثلة: قصف لا هوادة فيه من الهواء وتقدم للقوات البرية من الشرق والجنوب والغرب، بينما يتطلع الجيش السوري وحلفاؤه الأجانب لسحق معقل المعارضة السورية في الشمال والفوز لاستعادة السيطرة على أكبر مدينة في البلاد.

قتل أكثر من 500 شخص منذ بدء الهجوم الذي يحظى بدعم روسي في حلب هذا الشهر، وفقًا للمرصد السوري  لحقوق الإنسان في لندن، والذي يستخدم شبكة من المصادر على الأرض في سوريا. ومن بين هذا العدد 89 مدنيًا.
وقد نفت الحكومة الروسية قتل المدنيين في سوريا، وأصرت على أنها تستهدف فقط الجماعات الإرهابية هناك.
“لكل منزل في قريتنا كانت هناك ثلاث قنابل”، كما يقول أحمد، عم محمد.
ويضيف أحمد: “المدنيين فقط يموتون في قريتنا”.
أولئك الذين يمكن أن يستقلوا سيارة إسعاف مع محمد تمكنوا من عبور الحدود إلى تركيا، لكن حوالي 50 ألف شخص فروا من نفس الهجوم، حوصروا على الجانب السوري من الحدود، وبقيت البوابات مغلقة.

بصيص أمل

معظم عائلة محمد تقطعت بهم السبل في إعزاز، في شمال سوريا، حيث تم إنشاء مخيمات للتعامل مع موجة جديدة من اللاجئين. إنهم لا يعرفون متى يرون بعضهم البعض مرة أخرى، لكنهم على يقين من أن هناك بصيص أمل في العودة إلى ديارهم.
يجلس يوسف القرفصاء على الأرض، ويميل الى الوراء في مقابل الجدار. والده البالغ من العمر 45 عامًا يرقد في سرير المستشفى في غرفته. جاؤوا إلى تركيا أخيرًا من تل رفعت، وهي بلدة تسيطر عليها قوات المعارضة شمال حلب التي باتت الآن بقوة في مرمى من الجيش السوري.
يقول يوسف: “الأمر فظيع. كسرت ساق والدي”.
تعج المستشفى بشباب بعضهم ما زال يرتدي زيًا عسكريًا، ويشيرون إلى المعركة التي لا تزال مستمرة في الجنوب.
يجد محمد صعوبة في التحرك مع الدعامة التي تم تركيبها على رقبته، وهو يناضل من أجل الجلوس في سريره. هناك علامة على خده الذي استقبل رصاصة. وبينما يجلس الرجال بجانب سريره، تظهر صور الأشعة خرطوشة لا تزال مستقرة في عنقه.
يقول محمد:”لقد كان الإيرانيون هم الذين أطلقوا النار عليّ، ويضيف: “تسعون في المئة من الجيش السوري هم الآن من الأجانب”.
ويقول إنه “مقاتل عادي؛ لا مع تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) أو القاعدة” مجرد مقاتل يسعى للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
كان محمد يتمركز بالقرب من ماريا، وهي بلدة إلى الشمال الشرقي من تل رفعت، بين حلب والحدود. إنه يتحدث عن هجوم واسع النطاق مدعوم بالضربات الجوية الروسية بوحشية.
يضيف محمد: “إنهم يحاولون السيطرة على أي قرية ضعيفة”.

السجن أو الموت

بين المقاتلين والمدنيين على حد سواء، هناك شعور بالاكتئاب في مواجهة هذا الهجوم الأخير.
المدنيين الذين فروا من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة بين الحدود وحلب يخشون أنهم قد لا يعودون أبدًا. إذا نجح الجيش السوري في إعادة السيطرة عليها، يقولون بأنهم سيواجهون الانتقام: السجن أو حتى الموت.
الرئيس الأسد وحلفاؤه على وشك قطع السيطرة على حلب، تلك المدينة التي كانت مكسبًا مهمًا ومبكرًا من قبل قوات المعارضة الذين يقاتلون لإزاحة الأسد عن السلطة. وإذا نجحت قوات النظام السوري في السيطرة على حلب، فإن السكان هناك يواجهون احتمال حصار طويل، وربما حتى الموت جوعًا.

شعور بالخيانة

من جانبه، يعتبر الغرب منذ فترة طويلة قوات المعارضة في شمال سوريا البديل الوحيد للأسد، يدعمهم بالسلاح لتحقيق هدفهم. بالنسبة لتلك القوات، هناك أيضًا شعور بالخيانة. والحس المشترك بين المقاتلين هو أننا “هزمنا الجيش السوري منذ زمن طويل، ونحن الآن نقاتل الإيرانيين وحزب الله وروسيا”.
في حين يمكن للأسد الاعتماد على دعم حلفائه، تقول المعارضة أنها كانت مهزومة من البداية. هذا الدعم الضعيف، بالإضافة إلى التفكك بين العديد من قوات المتمردين، أدى إلى استنزاف الجماعات المعارضة الصديقة للغرب، لصالح المزيد من الجماعات المتطرفة التي حازت على تمويل أفضل.
في حديث له أخيرًا، اعترف وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بخطورة الوضع.
وقال كيري: “نحن لن نغض الطرف عما يحدث. إننا ندرك تمامًا مدى أهمية هذه اللحظة”.

لقد نسينا العالم

حسن حسن، زميل غير مقيم في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب “داعش: داخل جيش من الإرهاب”، قال إن قوات المعارضة “تواجه تحديات غير مسبوقة”.
وإذا استمر النظام في تحقيق مكاسب في الشمال، فقد تتحول ساحة المعركة السورية إلى شيء أصر عليه الأسد وحلفاؤه. مع أضعاف المعارضة المعتدلة، كل ما سيبقى هو خيار بين الأسد وداعش. خيار يرى كثيرون أن تنبأ به المجتمع الدولي.
يختتم أبو دياب بقوله: “لن تتعافى الثورة، لقد نسينا العالم”.

واشنطن بوست: حرب عالمية «مصغرة» على وشك الاندلاع في ريف حلب Washington Post

 واشنطن بوست: حرب عالمية «مصغرة» على وشك الاندلاع في ريف حلب Washington Post
حرب عالمية «مصغرة» على وشك الاندلاع في ريف حلب Washington Post
هكذا وصفت الواشنطن بوست الوضع في سوريا في مقال نشرته الأسبوع الماضي. فكثرة الطوائف المتناحرة في سوريا والتي تدعمها قوى دولية متنافسة لها مآرب من وراء تدخلها، بالتأكيد تصعد من حدة الصراع، وربما تندلع حرب عالمية. فمع وضع كهذا، هل يفي مجرد اتفاق هدنة بالغرض؟ وهل ستحترمه جميع الأطراف؟ أم أنه شبه مستحيل، نظرًا لموقف تركيا حيث حدودها مع سوريا، وأحلام الأكراد في الاستقلال، وطموحات موسكو أن تكون قوة مهيمنة في المنطقة؟

واقع معقد وأطراف دولية متنافسة

تصف الواشنطن بوست الوضع في سوريا بأنه طائرات حربية روسية تقصف من السماء، بينما المليشيات العراقية واللبنانية بمساعدة مستشارين إيرانيين تتقدم على الأرض. وفي نفس الوقت تقاتلهم مجموعات متمردين تدعمهم الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والسعودية وقطر لمنعهم من التقدم. بينما تحاول القوات الكردية المتحالفة مع واشنطن وموسكو تحقيق أكبر استفادة من تلك الفوضى لتوسيع نطاق المناطق الكردية. وبينما الجميع يركز على تلك المجموعات المتقاتلة، تمكنت الدولة الإسلامية من السيطرة على قريتين صغيرتين.

هدنة للتهدئة أججت الصراع!

وتضيف أنه على الرغم من اقتراب هدنة تفاوضت بشأنها القوى العالمية، ومن المقرر تنفيذها آخر الأسبوع، يبدو أن الصراع يتصاعد وليس العكس. فعلى سبيل المثال أطلقت تركيا نيران المدفعية عبر حدودها باتجاه المواقع الكردية، وتمكنت الطعون المقدمة من إدارة أوباما من دفع الأكراد والأتراك إلى التراجع.
فحسب وصفها تقول الواشنطن بوست إن الحرب السورية تحولت منذ فترة طويلة إلى حرب بالوكالة، فتقريبًا منذ اليوم الأول لإعلان الثورة المسلحة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، دعمت قوى دولية متنافسة الفصائل السورية المتقاتلة. لكن ربما لم يسبق أن كانت المخاطر والتعقيدات واضحة جدًّا لدرجة الإنذار بحدوث حرب عالمية مصغرة مثلما هو الحال الآن في المعركة الجارية للسيطرة على حلب.
وحذر ديميتري ميدفيديف رئيس الوزراء الروسي من المخاطر، في مؤتمرٍ أمني عقد في ميونيخ السبت الماضي قائلًا إن العالم اليوم بالفعل قد دنا من “حرب باردة جديدة”.
وأوردت الواشنطن بوست على لسان السيد سلمان شيخ، مستشار سياسي شارك في جهود الوساطة في الحرب السورية، أن “هناك دوامة من انعدام الأمن لم تخضع للإدارة. فما نشهده الآن صراعًا كلاسيكيًّا، وميزان القوى  فيه معقد للغاية، من الممكن أن يتفاقم لوضع خطير حقًّا”.

استمرار القصف

وتقول الواشنطن بوست إنه حتى الآن يتركز القتال في المناطق النائية في ريف حلب، فما نراه هو مناظر  طبيعية لأراضي زراعية تتخللها نقاط تمثل قرى وبلدات صغيرة يسحقها القصف السوري باستمرار ولا هوادة. وقال السكان في تلك القري إن القصف ازداد كثافة منذ الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار؛ فربما تسعى روسيا لتعظيم مكاسبها قبل تنفيذه.
وتضيف: “من المؤكد أن هزيمة المتمردين ستمكن الحكومة من تطويعهم وسحقهم في معقلهم في الجزء الشرقي من مدينة حلب. وربما تمكنها من توجيه ضربة حاسمة للتمرد المستمر منذ خمسة أعوام ضد حكم الأسد”.

أبعاد الصراع الدولية

لكن هناك على المحك ما هو أكثر من مجرد نتائج حرب سوريا. فالهجوم على حلب يؤكد على مكانة موسكو كقوة إقليمية مهيمنة في قلب الشرق الأوسط. تقدم الميليشيات العراقية واللبنانية الشيعية يمد نفوذ إيران إلى ما هو أبعد من منطقة النفوذ الشيعي التقليدي في المناطق السنية في شمال سوريا. وعلى الرغم من أن الجيش السوري يدعي تحقيق انتصارات، إلا أن المتمردين والخبراء العسكريين وتسجيلات فيديو للمقاتلين أنفسهم تظهر جميعها أن تقريبًا كل التقدمات على الأرض نفذتها حركة حزب الله اللبنانية واللواء العراقي بدر وحركة النجباء وغيرها من المليشيات العراقية الشيعية التي تدعمها إيران.

سياسة بشار في محاولة السيطرة

تذكر الواشنطن بوست أنه في الوقت ذاته، يتم إخلاء ريف حلب، حيث يتدفق عشرات الآلاف من الناس هربًا من الضربات الجوية إلى الشمال حيث الحدود التركية، التي أغلقتها الحكومة التركية مؤخرًا، علمًا بأن تركيا وحدها تستضيف 2.5 مليون لاجئ سوري.
يروي اللاجئون قصص قرى أبيدت بأكملها. يقول محمد النجار أحد سكان بلدة ماراي في قلب المنطقة الريفية المتنازع عليها، إن فقط 5% تقريبًا من المدينة بأكملها ظلت هناك. يذكر أن عائلته فقدت 15 منزلًا  منذ بدء الهجوم على حلب قبل أسبوعين. تمكنت الواشنطن بوست من التحدث معه عبر الهاتف من المنطقة الحدودية التركية، بعد تمكنه من الفرار من بلدته الأسبوع الماضي.
يقول أميل حكيم من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إن:
إجبار الناس على الخروج من منازلهم لطالما كان جزءًا من إستراتيجية الحكومة السورية.
وأضاف: “إنهم يخلون المناطق من السكان الذين يستحيل أن يغيروا ولاءهم فيكون للنظام. فتلك تعتبر طريقة أسهل وأرخص لاحتلال منطقة، عن محاولة كسب عقول وقلوب المعارضين. فهم ببساطة سيدفعون الناس للمغادرة فلا يكون هناك أي تمرد”.   
وتقول الواشنطن بوست إن بالنسبة لتركيا، أكثر ما يثير القلق هو امتلاء الفراغ على طول حدودها مع سوريا بالأكراد، الذين زادت طموحاتهم وأحلامهم بالاستقلال منذ أن بدأت الثورة السورية.

سوريا وصراع تركيا والأكراد

وبالفعل استفادت وحدات حماية الشعب من الضربات الجوية الأمريكية في شرق سوريا لتوسعة المنطقة الكردية هناك. والآن، يستغل الأكراد القصف الروسي حول حلب ليتوسعوا شرق عفرين، وهي منطقة تواجد كردي أخرى. ويبدو أن هدف الأكراد المعلن هو ربط منطقتين كرديتين فتمتد لتغطي أكثر من نصف الحدود التركية مع سوريا.
وتذكر الواشنطن عواقب ذلك قائلة إن هذا التوسع الكردي أدى للاحتكاك بين واشنطن وأنقرة، لأن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب عضوًا منتدبًا في المنظمة الكردية التركية المعروفة بحزب العمال الكردستاني، المصنف على أنه منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وتركيا. لكن الولايات المتحدة لا تعتبر وحدات حماية الشعب كمجموعة إرهابية، بل عملت معها بشكل وثيق في الحرب على الدولة الإسلامية.
الآن، المقاتلون التابعون  لتحالف الأكراد والعرب والذي تقوده وحدة حماية الشعب يضيقون الخناق على البلدة الحدودية عزاز، والتي تتحكم في أكبر بوابة تركية إلى سوريا.
كما تذكر الواشنطن بوست أن المدفعية التركية أطلقت السبت الماضي صواريخ على قريتين وقاعدة عسكرية سيطر عليها الأكراد مؤخرًا، وقد جاء الرد التركي في بيان يوضح أن ذلك جاء ردًّا على صواريخ أطلقتها وحدة حماية الشعب.
تحدث هاتفيًّا بايدن نائب الرئيس مع رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو يوم السبت لحث تركيا على وقف قصفها. وأكد على “ضرورة التخفيف من تصاعد الصراع في المنطقة”، وذلك وفقًا لما جاء ببيان للبيت الأبيض الأحد الماضي. وبشكل منفصل، دعا بيان لوزارة الخارجية الأكراد ألا “يستغلوا الموقف المرتبك المعقد عن طريق محاولة استيلائهم على مناطق جديدة”.
وفي غضون ساعات من الطعون المقدمة، استولى الأكراد على قرية أخرى في شمال حلب تدعى عين داقنا، واستأنفت تركيا قصفها.
يقول فيصل العيتاني من الواشنطن بوست  في المجلس الأطلسي لا يوجد مزاج عام في تركيا يؤيد الحرب، لكن خطر التصعيد غير المتعمد حقيقي. وبالفعل التوتر بين روسيا وتركيا عضو حلف شمال الأطلسي بلغ عنان السماء عقب إسقاط تركيا لطائرة روسية في نوفمبر الماضي، أي حسابات أو تحركات خاطئة يمكنها بسرعة أن توقد الرد الروسي.
يضيف أيضًا أن “تركيا تتعرض لضغوط هائلة. فهي لديها حالة مشابهة لذلك وناشئة  على حدودها”، ويكون مصير المجموعات التي تدافع عنها التدمير.
كما تحدثت المملكة العربية السعودية عن إرسال قوات إلى سوريا، مما يدعم بعض التكهنات بأن السعودية ربما تستعد لدعم التوغل التركي. ففي بيان له الأحد الماضي، يقول عبد الله الجبير وزير الخارجية السعودي إن الرياض لن ترسل قوات خاصة إلا إذا قررت الولايات المتحدة أن القوات ستقاتل ضد الدولة الإسلامية. وأضاف خلال مؤتمر صحفي في الرياض: “ولذا فإن التوقيت لا يعنينا” طالما أنها ستقاتل تنظيم الدولة الإسلامية.

حرب واشنطن.. عن تأثير البندقية وعلاقة المواطن بالسلاح! Washington's war

بعد إلقاء نظرة على (نيو تاون) يمكن وضعها بأريحية في أي قاموس كتعريف مثالي للبلدة الأهدأ في العالم، يعرف الجميع ذلك، سكانها ومجلسها الحاكم وقائد شرطتها والخمسة وأربعون ضابطًا المسئولون عن أمن المدينة الصغيرة محدودة المساحة التي يسكنها أقل من ثلاثين ألف أمريكي والتابعة لمقاطعة (فيرفيلد) بولاية (كونيتيكت)، في ليلة الخميس الثالثعشر من ديسمبر لعام 2012 كان بإمكان السكان أن يروا رقمًا قياسيًّا جديدًا في الطريق إليهم، إنه العام العاشر على التوالي الذي يبدو أنه سينتهي بدون أن تشهد البلدة الودودة إلا حادثة قتل واحدة فقط مع امتلاكها لأحد أدنى معدلات الجرائم على مستوى البلدات الأمريكية، يتبقى أسبوعان على أية حال على انتهائه ويحق لأهل نيو تاون الاحتفال بأمان كهذا، لكن اليوم التالي سيحمل الكارثة، وسينتهى كل ذلك السلام للأبد.
في صباح الجمعة الرابع عشر من ديسمبر، وبينما يستعد أطفال البلدة لبدء يومهم الدراسي في مدرسة (ساندي هوك) الابتدائية العامة، إحدى مدارس نيو تاون الحكومية السبعة، كان (آدم لانزا) الشاب البالغ من العمر عشرين عامًا في منزله الذي يعيش فيه مع والدته بمفردهما ممسكًا ببندقيتها الـMK2-F مستعدًا لبدء نهر الدماء، في التاسعة والنصف تمامًا وقف الشاب المصاب بمتلازمة (أسبرجر) -إحدى أطياف اضطراب التوحد- أمام الفراش مصوبًا البندقية إلى والدته ومطلقًا أربع رصاصات على رأسها، بعد ثوانٍ معدودة سيلقي آدم البندقية ثم سيحمل البندقية الأخرى (XM15-E2S) نصف الآلية وإحدى منتجات صانع الأسلحة الأمريكي الشهير (بوشماستر) والمملوكة أيضًا لوالدته، ثم سينطلق إلى فناء مدرسة (ساندي)، في الساعة التاسعة وخمس وثلاثين دقيقة وعندما دخل آدم لفناء المدرسة فتح النيران على الجميع بلا استثناء ليقتل عشرين طفلًا تتراوح أعمارهم بين 5:10 سنوات وستة أشخاص بالغين من العاملين بالمدرسة، بعد انتهاء المذبحة التي استغرقت بضع دقائق سيدير آدم البندقية إلى رأسه ثم سيطلق الرصاص مباشرة لينتحر وليسدل الستار على أحد أسوأ أيام الولايات المتحدة الأمريكية رسميًّا وشعبيًّا، اليوم الذي حفر في التاريخ الأمريكي باسم (قتل ساندي هوك الجماعي).
بعد ساعات قليلة، وفي الوقت الذي وقف فيه الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) ملقيًا بيانًا طارئًا بوجه محتقن غير قادر على أن يمنع نفسه من البكاء، وقبل بدء التحقيقات بشكل كامل، كان الاتجاه الإعلامي لتناول ما يحدث متوقعًا، وفي هذا الوقت الذي أعاد فيه آدم أذهان الأمريكيين لمذبحة جامعة فيرجينيا التقنية المشابهة، والتي راح ضحيتها اثنان وثلاثون شخصًا وتحتل المرتبة الأولى في حوادث القتل الجماعي الأمريكية، كان المجتمع يتأهب لخوض الجدل المتكرر والمتجدد حول حقوق تملك الأسلحة الشخصية والقيود المفروضة على هذه الحقوق مع الكثير من الخلافات حول قانون (التحكم في السلاح)، والذي يقفز بصيغ مختلفة عبر الإدارات الأمريكية المتعاقبة ويمثل إحدى قمم التصارع بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وبين أطياف المجتمع نفسه. فيما تقف لوبيات الأسلحة وراء الستار تدافع عن مصالحها بشراسة تليق بأهمية القانون، إنه حياة أو موت بالنسبة لهم، ولوضع الأمور في نصابها، فإن عددًا لا يستهان به من الأمريكيين مؤمنون تمامًا أن حق شراء وحمل السلاح الشخصي هو حق إلهي منحه الله لهم، ولا يسمح لأي إدارة أو قانون بأخذه منهم، وهو ما يوضح عمق جذور المشكلة.

(1) تأثير البندقية!

حرم جامعة (ويسكونسن)/ مدينة ماديسون بولاية ويسكونسن/ الولايات المتحدة.. عام (1967):

يقرع اسم البروفيسور (ليونارد بيركويتز) أجراسًا كثيرة لدى متخصصي علم النفس، فالرجل كان أحد أهم العاملين على دراسة السلوك العدواني البشري وطبيعته ودوافعه ودرجاته، فضلًا عن كونه ضمن قائمة المائة لأكثر علماء النفس الذين تم الاستشهاد بمؤلفاتهم أو الإشارة لهم في القرن العشرين، وبالإضافة إلى باعه الأكاديمي الطويل حتى وفاته في الثالث من الشهر الحالي عن عمر يناهز الـ89 عامًا، فإن أحد أكثر ما يحمل اسمه شهرة هو تجربته التي أجراها في جامعة ويسكونسن والتي ولدت مصطلح الدراسات السلوكية (تأثير السلاح)!
في عام 1967، قام البروفيسور ليونارد بإجراء تجربة بالغة الأهمية تثير جدلًا واسعًا إلى يومنا هذا، أتى ليو بمعاونة زميله (أنتوني ليبيج) بمائة طالب من الجامعة الأمريكية وقاموا بصعقهم بشحنات كهربائية غير مؤذية بشكل عشوائي بحيث تدرج عدد الشحنات فصعق البعض مرة واحدة، وآخرين أكثر بحد أقصى 7 شحنات، بعد ذلك ومع ضمان تأسيس قاعدة عدوانية أخبر الباحثان كل طالب أن المسئول عن صعقهم هو شخص يجلس في الغرفة المجاورة ولديهم فرصة لصعقه أيضًا بعدد الشحنات الذي يريدونه وبلا حد أقصى، ثم قسموا المائة طالب لثلاثة أقسام متساوية تقريبًا، وعند إدخال طلبة القسم الأول بالترتيب تم وضع بندقية رماية على منضدة بجانب مفتاح الصاعق الكهربائي، ثم أخبر الباحثان نصف هذا القسم أن البندقية مملوكة للشخص الذي صعقهم وأخبرا النصف الآخر أن البندقية لا تخص أحدًا وإنما نسيها أحد أساتذة القسم في أثناء تجربة أخرى، أما في حالة القسم الثاني فتم وضع مضرب تنس وبضعة كرات بجانب مفتاح الصاعق، وفي حالة القسم الثالث تركت المنضدة خالية إلا من المفتاح، والهدف من كل ذلك هو معرفة من سيضغط على المفتاح ويرسل أكبر عدد من الشحنات الصاعقة الكهربائية، ولماذا.
في التجربة وجد ليو وأنتوني أن أكبر عدد من الشحنات الكهربائية تم توجيهه عن طريق الطلبة الذين تعرضوا لـ7 صدمات وكانت البندقية أمامهم على المنضدة يليهم الذين تعرضوا لأي عدد من الصدمات ولو واحدة فقط وكان أمامهم السلاح أيضًا، والمثير للاهتمام أن إخبارهم بأن السلاح مملوك للشخص الذي صعقهم من عدمه لم يشكل أي فارق، لقد ظل مجرد حضور البندقية طاغيًا وزاد من السلوك العنيف للقسم الذي تعرض لرؤيته المباشرة، أما القسم الذي اختبر وجود مضرب وكرات التنس فكان الأقل بطبيعة الحال، ثم نشر الباحثان التجربة وخلاصة النتائج في ورقة بحثية بعنوان (الأسلحة كمحفزات مفرزة للعدوانية) وأطلق ليو ما اشتهر فيما بعد بـ(تأثير السلاح)، كانت التجربة واضحة تمامًا في وقتها، حضور السلاح بأي شكل من الأشكال يرفع من السلوك العدواني للبشر!
Mass Shooting In San Bernardino Leaves At Least 12 Dead, 30 Woundedفتح بروفيسور ليونارد بابًا ضخمًا إلى عالم مملوء بمحاولات عديدة بعد تجربته لفهم العلاقة السيكولوجية بين الإنسان والأسلحة، مثلًا وفي عام 1975 قام متخصصو علم النفس دكتور (تشارلز ترنر) و(جون لايتون) و(لاين سيمونز) بإجراء تجربة أخرى مثيرة للاهتمام لكن هذه المرة خارج نطاق المعامل وقاعات التجارب وبين الناس مباشرة، في التجربة سيأتي سائق في شاحنة متوسطة وسيقف في إشارة المرور بشكل طبيعي حتى يسمح للسيارات بالسير مرة أخرى، وعندها لن يسير السائق بالشاحنة وإنما سيستمر في توقفه مانعًا السيارات من خلفه من الحركة لمدة 12 ثانية بعد فتح الإشارة، ستقام التجربة مرتين، في الأولى سيعلق السائق بندقية عسكرية على النافذة الخلفية للشاحنة بحيث تصبح مرئية بوضوح لسائقي السيارات خلفه، وفي الثانية بطبيعة الحال لن يكون هناك سلاح، نتائج التجربة جاءت مدهشة بحيث أن رؤية البندقية جعلت السائقين أكثر عدوانية وأكثر ضغطًا على بوق التنبيه بلا توقف، بينما كان الأمر أهدأ في حالة عدم وجودها، والمدهش هنا بتعبير دكتور (براد بوشمان) والذي ذكر التجربة في مقاله (أنه لا بد وأن تكون غبيًا جدًّا لتضغط على بوق التنبيه بلا توقف لسائق يمتلك بندقية عسكرية أو سلاحًا عمومًا، إن كنت تفكر لن تفعل ذلك وستنتظر إياه ليتحرك بلا استفزاز، وهو المقصود تمامًا لأن الناس في هذه الحالة لم يفكروا بأي شكل، مجرد رؤية السلاح تسببت تلقائيًّا في زيادة سلوكهم العدواني بلا أي وعي!).

(2) الصراع

BRITAIN-DEFENCE-INDUSTRYلا توجد أرقام رسمية لعدد الأسلحة التي يمتلكها المواطنون الأمريكيون، لكن أغلب التقديرات غير الرسمية تجمع على أن عدد الأسلحة الآن في الولايات المتحدة يتجاوز الـ300 مليون، أي أنه هناك أكثر من سلاح واحد لكل رجل وطفل وامرأة من نيوجرسي في الشرق إلى واشنطن في أقصى الغرب، ويعتبر عام 2008 هو بداية اللحظة التاريخية التي فاق فيها عدد الأسلحة الشخصية عدد المواطنين الأمريكيين، لكن هذا ليس كل شيء، في العام الماضي فقط قتلت الأسلحة الشخصية أكثر من ثلاثة عشر ألف أمريكي، بينما أصيب قرابة السبعة وعشرين ألف شخص آخر بحسب إحصائيات موقع Gun Violence المصدر الأمريكي الأهم لتتبع ضحايا الأسلحة، هذا العام ونحن في نهاية الشهر الثاني منه فقط قتل حتى الآن 1903 وأصيب أكثر من ثلاثة آلاف وسبعمائة شخص، ومن إجمالي القتلى والمصابين هناك أكثر من خمسة وسبعين طفلًا، هذه الأرقام تكفي في أي دولة أخرى لتشريع عدد من القوانين الرادعة على حيازة الأسلحة، لكن الولايات المتحدة تختلف كثيرًا!
ما تشهده الولايات المتحدة منذ أعوام هو صراع قانوني وحزبي لا ينتهي، صراع يسير جنبًا إلى جنب مع ازدهار صناعة الأسلحة الشخصية في الدولة الأولى عالميًّا من حيث التسليح الفردي، من ناحية فإن الجمهوريين يؤيدون حق شراء الأسلحة بلا قيود ويوجهون دفة الصراع دائمًا إلى إجراءات وفحوصات السلامة العقلية لحاملي الأسلحة، بينما يرى الديموقراطيون أن حق حمل السلاح المحمي بالتعديل الثاني في الدستور الأمريكي لا يعني أن تترك الأمور بلا ضوابط رادعة للتحكم في سلسلة شراء السلاح (من يشتري؟/ البائع/ نوع السلاح نفسه)، على الجانب الآخر يمكننا اعتبار عام 2008 هو العام الفارق وقبلة حياة جديدة لصناع الأسلحة الشخصية بعد حكم المحكمة الأمريكية العليا التاريخي، والذي أكدته في 2010 بتأييد حق حمل السلاح في كل المدن والولايات الأمريكية بلا استثناء، وهو الحكم الذي مثل حينها ضربة قوية لولايات تطبق قوانينها الخاصة، لفهم أكثر فإنه وحتى عام 2008 -بداية تولي أوباما الرئاسة- لم يكن حق حمل السلاح يسري على جميع الولايات والمدن الأمريكية، وإنما على البعض، بينما تفرض بعض الولايات والمدن الأخرى حظرًا على حمل السلاح يتدرج في وقته من حظر جزئي على أنواع معينة إلى حظر شامل على جميع الأسلحة الهجومية، ولذلك كانت شيكاغو هي الولاية التي تلقت النصيب الأكبر من الضربة لكونها تطبق حظرًا تاريخيًّا على اقتناء أغلب الأسلحة من سبعينيات القرن الماضي، وتليها ولاية إيلينوي والتي تمتلك أيضًا قوانين صارمة للتحكم في اقتناء السلاح الشخصي، وربما لم يبطل حكم المحكمة العليا الحظر فوريًّا في الولايات المعنية، ولكنه أعاد كل القوانين والتي يعترض عليها مؤيدو الاقتناء بلا شرط إلى محكمة الاستئناف، والتي في الغالب ستبت ببطلان الحظر والسماح باقتناء الأسلحة بلا قيود.
2015 Los Angeles Timesيتعامل عدد كبير من الأمريكيين مع ثقافة حمل السلاح بمنطق بسيط ومباشر تمامًا يمكن إجماله في سؤال يوجهه كل مؤيد للمعارضين: لماذا يحق للشرطة حمل أسلحة هجومية ولا يحق للمواطنين؟!، هذا السؤال وإجابته يمثلان قمة هرم فهم الأمريكيين لأسباب امتلاك المسدسات والبنادق بمختلف أنواعها، فالدولة التي بها أحد أعلى معدلات الجرائم العالمية يرى سكانها أن السبيل الأفضل والأمثل لحمايتهم هو أن يحموا أنفسهم بأنفسهم، فضلًا عن أن اقتناء الأسلحة ضمانة قوية في مواجهة احتمال أن تستبد الحكومة أو أن تخرج عن القانون والديمقراطية في مواجهة مواطنيها، وهو الاحتمال الذي لا يغيب عن أذهان الأمريكيين بالرغم من مدى رسوخ آلية الحكم المؤسساتية هناك، بل وهناك قطاع كبير لا ينظر للحرس الوطني إلا على أنه ميليشيات منظمة تمتلك سلاحًا لا أكثر، ولا يعتبرونه قوة قانونية ذات ضرورة حتمية كالقوات المسلحة مثلًا، وسواء كان ذلك صحيحًا أم خاطئًا فإن هناك منظومة كاملة تعمل على ترسيخ هذه المفاهيم والقيم باستمرار إعلاميًّا وسياسيًّا وتشريعيًّا من أجل الحفاظ على مصالحها وتجارتها شديدة الربحية، وهذه المنظومة بالتأكيد لا تختار اللحن الذي تعزفه لعقول الأمريكيين بنفسها، هناك بالتأكيد من يدفع الأجر فيختار اللحن!

(3) من يدفع أجر العازف؟!

Inside The Knob Creek Machine Gun Shoot, Billed As The "World's Largest Machine Gun Shoot and Military Gun Show"في الثالث عشر من سبتمبر لعام 1994، مرر الكونجرس (حظر الأسلحة الهجومية الفيدرالي) وهو التشريع الذي يحظر تصنيع أو بيع بعض أنواع الأسلحة نصف الآلية العسكرية للمدنيين، وبعض أنواع الخزانات التي تستطيع حمل عدد كبير من الطلقات أيضًا، وفي نفس اليوم في البيت الأبيض وبلا انتظار وقع الرئيس الأمريكي حينها (بيل كلينتون) على القانون محولًا إياه لواقع تنفيذي مؤيد من قبل 77% من الأمريكيين حسب استطلاع رأي أجراه معهد جالوب حينها، كان الأمر قاسيًا على مصنعي الأسلحة والتي تجلت معارضتهم في رفض الجمعية الأمريكية الوطنية للبنادق (NRA) للحظر، وهي المنظمة الأكبر الحاضنة لمالكي السلاح في الولايات المتحدة، لكن القانون مرّ، وفي المعتاد فإن أغلب القوانين والتشريعات لا يوضع لها وقت محدد للانتهاء أو ما يطلق عليه سياسيًّا (غروب شمس القانون)، وتستمر بطبيعة الحال إلى أجل غير مسمى، لكن الأمر اختلف مع هذا التشريع بفضل ضغط لوبيات الأسلحة والتي استطاعت تقليل جزء ضئيل من الخسائر، ونجحت في جعل مدة التشريع عشر سنوات فقط يتطلب تمديدها موافقات نيابية أخرى.
بعد عشر سنوات من السجالات والدعاوى القضائية ومحاجات الكونجرس لإلغاء التشريع والتي فشلت جميعها مع صمود القانون، وفي عام 2004، تم إلغاء القانون وفشلت كل محاولات تجديده بلا أي استثناء.
يمكن بلا شك تصنيف الجمعية الأمريكية الوطنية للبنادق على أنها الراعي الرسمي للأسلحة الشخصية في الولايات المتحدة، فالمنظمة التي أسسها الصحفي الحربي (ويليام شرش) والجنرال (جورج وود) والتي يرجع تاريخها إلى عام 1871، أي ما يقارب القرن ونصف من الزمن تقول إن أعضاءها يبلغون الخمسة ملايين أمريكي، ولو سلمنا بصحة الرقم فإنه على ضخامته يظل بطبيعة الحال لا يتجاوز نسبة الـ6% من حاملي السلاح الأمريكيين، ومن المفترض أن مهمة الجمعية الأساسية تتمثل في نشر الطرق المثلى للتعامل مع الأسلحة النارية وتعريف الأمريكيين بأي تشريع أو قانون خاص بها صدر أو سيصدر أو محتمل التطبيق، لكن المهمة الفعلية تختلف كثيرًا بالنسبة للجمعية المصنفة كإحدى أقوى ثلاث جماعات ضغط في واشنطن!
Inside the National Rifle Association (NRA) Annual Meetings & Exhibitsفي بداية عام 2013، كتب الصحفي (فرانك سميث) في موقع MotherJones تقريرًا يكشف فيه عما وصله من معلومات عن دائرة صنع القرار الداخلية في المنظمة، والتي تخضع لسرية كبيرة، وكما نقل عنه فيما بعد صحفي The Atlantic (جورج ويزمان) والمهتم بشئون الـNRA أيضًا حينها فإن (لجنة الترشيح) هي إحدى أقوى اللجان في هيكل المنظمة الوطنية وربما “لا تصدر القرارات لكنها تختار من يفعل ذلك“، أي أنها مسؤولة عن انتقاء الـ76 عضوًا في مجلس إدارة المنظمة بالكامل، والذين بدورهم يأخذون القرارات ويقفون في موقع مسؤولية عن ميزانية سنوية تقدر بـ200 مليون دولار، وهو رقم يساهم في فهم حجم النفوذ التي تتمتع به في واشنطن، هذه اللجنة (لجنة الترشيح) أحد أهم أعضائها هو (جورج كوليتيدس) الرئيس التنفيذي لـ(مجموعة الحرية)، المنتج الأكبر للسلاح الشخصي في الولايات المتحدة، والتي تضم تحت جناحها صانع الأسلحة (بوشماستر)، الاسم الذي ورد في بداية التقرير ومصنع سلاح مجزرة نيو تاون.
لا يمكن لأي كيان عاقل التخلي عن صناعة تدر ربحًا سنويًّا يقدر بـ11.7 مليار دولار، ومن ناحية أخرى فإنه لا يمكن أن يُصدر أصحاب الصناعة أنفسهم للشعب الأمريكي لأنهم بعد كل حادثة سيصبحون وجبة سهلة وشهية لوسائل الإعلام ولأهالي الضحايا، وسيصبح الأمر أقرب لإلقاء شخص أعزل في قفص به أسود، موت حتمي وخسائر مادية مهولة، ومن الناحية الثالثة فإن صانعي الأسلحة لا يمكنهم الصمود بوجه عارٍ أمام حزم التشريعات والقوانين التي تحاول كل يوم عن طريق نواب مجلسي النواب والشيوخ أن تأخذ طريقها للتنفيذ وتوسيع دائرة حظر الأسلحة مما يعنيه هذا من خسائر لا تنتهي لسوق يطمح في التوسع أكثر، لأجل كل ذلك فإن لوبيات الأسلحة بأموالهم يقومون بدفع أجر العازف واختيار اللحن بالطبع، ولا يوجد عازف أكثر مهارة ممن يمتلك قاعدة شعبية كالجمعية الوطنية التي أنفقت في 2014 فقط ما يفوق الـ28 مليون دولار على الأنشطة السياسية، وفي هذا الصدد يوضح مركز السياسات المرنة أن المنظمة أنفقت ضد المرشحين السياسيين الديموقراطيين خمسة عشر مليونًا مقابل أحد عشر مليون دولار لصالح المرشحين الجمهوريين المؤيدين بطبيعة الحال لأهداف المنظمة.

وكيف يبدأ الرعب؟!

National Rifle Association Protestتبدو الإجابة بسيطة، منذ ثلاثة أيام فقط صوت مجلس النواب في ولاية (أيوا) على مرور قانون يسمح للأطفال تحت سن الـ14 عامًا باستعمال المسدسات بكافة أنواعها والذخيرة أيضًا تحت إشراف الوالدين، وهو الأمر الذي كان ممنوعًا قبلًا، وبالرغم من أن الولاية تسمح باستخدام الأطفال لبنادق الرماية تحت إشراف الوالدين فإن الأمر يختلف تمامًا عندما يأتي للمسدسات كأسلحة شخصية صغيرة الحجم يمكن حملها وإخفاؤها في أي مكان، ولاقى التشريع اعتراضات شديدة من بعض النواب المحليين الذين أجمعوا على أنه من “السخافة” السماح لأطفال بحمل أسلحة قاتلة في الوقت الذي لم يتطور فيه عقلهم بعد للحد الكافي لتحمل المسؤولية، أو كما لخصت النائبة “الجمهورية” لمقاطعة كاونتي في الولاية (كريستين رننج) الوضع قائلة: (نحن لا نحتاج لميليشيا من الأطفال الصغار)!
هيثم قطب